اعداد المجلة
العدد الثالث من مجلة العراق الديمقراطي
تعيش منطقتنا بدولها وشعوبها مخاضاً عسيراً يحمل بين طياته الكثير من التحديات والفرص، ولعل حالة الأزمة السائدة في ذهنية و بنية الأنظمة والسلطات والقوى السياسية في دول المنطقة وسلوكياتها الأحادية السلطوية، وكذلك حالة الفراغ الفكري والثقافي والسياسي الموجودة، إضافة لغياب الديمقراطية وانتشار الفساد في دول المنطقة والتدخلات الخارجية الإقليمية والعالمية للهيمنة والنهب والاحتكار، تزايدت تأثيراتها السلبية وعوامل تضخمها مع الحرب أو الأزمة الأوكرانية وتداعياتها المختلفة على مجتمعات وشعوب ودول المنطقة.
تلك الحرب التي تمثل أحد فصول الحرب العالمية الثالثة التي مازالت تدار بعض فصولها في الشرق الأوسط ومناطق أخرى حول العالم في العقود الأخيرة، والتي أصبحت منعطف كبير في السياسة الدولية والإقليمية، جعلت عدد من دول الشرق الأوسط في حالة خوف وقلق كبير وهي تبحث عن عوامل تحقيق الاستقرار والأمان التي تفتقده وذلك بالسعى لتجاوز الخلافات ومحاولة تحسين العلاقات مع عدد من القوى التي كانت متناقضة معها سابقاً في الإقليم، لكن هل يكتب لهذه المحاولات النجاح…؟ وخاصة مع وجود عوامل تناقض مازالت قائمة و اختلاف في المشاريع والرؤى المطروحة من قبل كل طرف.
إن الوضع الاقتصادي والأمني المتأزم وتفاعلاته المختلفة في عدد كبير من الدول العربية والإقليمية من مصر حتى العراق، يشكل أهم العوامل الدافعة و المحركة لكثير من السلطات والقوى في الشرق الأوسط بشكل فعلي، ولكن يظل البعد الاجتماعي والثقافي والفكري في أية مشهد ورؤية له الصدارة والقوة والأولوية في رسم استراتيجيات الاقتصاد والأمن والسياسة وحتى نوعية وكيفية نسج العلاقات الدبلوماسية الناجحة، وعليه لا نستطيع القيام بقراءة صحيحة وتشخيص الوضع وصياغة حلول ناجعة؛ إلا إذا أخذنا كافة الأبعاد والاتجاهات.
من الصواب القول أن الديمقراطية الليبرالية، لم تستطيع معالجة قضايا مجتمعات وشعوب ودول الشرق الأوسط، بل أنها أصبحت وفي كثير من الدول وسيلة وأداة لشرعنة حالات الفساد والاستبداد وممارسة السلطوية الأبوية على مجتمعاتنا وشعوبنا لصالح فئة وطبقة ضيقة استحوذت على السلطة بالتضليل والخداع وعبر الصناديق التي يوضع فيها ما تم تحضيره في البيئة المضطربة والتي تفتقد للعدالة والتكافؤ والحرية، كما حصل في الإنتخابات التركية التي استخدمت فيها ادوات الاستقطاب العرقي والمذهبي، التي وضعت أردوغان و حزبه وسلطته الحاكمة منذ 20 سنة كل إمكانيات الدولة ومختلف الوزارات والتحكم الشبه الكلي بالإعلام وأدوات الدعاية لصالح الرئيس وحزبه وسطلته.
فضلا عن الكثير من الانظمة الشمولية والقومية التي تجهز بعد المغادرة الذهنية الاستقطاب والاستحواذ على مقدرات السلطة باساليب هي ابعد ماتكون عند الديمقراطية الحقيقية.
إن نتائج الانتخابات التركية وفوز من يحلم بإحياء العثمانية البائدة عبر مختلف الأدوات والتدخلات، سيكون لها تداعيات سلبية على الاستقرار والأمن والسلام في الشرق الأوسط، وخاصة في الدول التي تتدخل فيها تركيا وتحتل أرضها كالعراق وسوريا وليبيا وغيرها، وخاصة مع الزخم وحضور تنظيمات الإسلام السياسي بشكل لافت لدعم أردوغان في المشهد الانتخابي.
ولكن أمام مختلف التحديات وجملة الظروف الصعبة التي تعانيها دول المنطقة وشعوبها وعلى رأسهم بلدنا الحبيب العراق، نعتقد كجبهة نضال الديمقراطي أن الفرص أيضاً ما زالت متوفرة وكثيرة، لأننا نثق بقدرة المجتمعات والشعوب وخاصة شعبنا العراقي وبجميع مكوناته وألوانه المتكاملة في أننا نستطيع تجاوز الأزمة وحالة الفساد والتبعية بالبحث عن الحلول في إطار بناء المجتمع والإنسان العراقي الحر والديمقراطي وليس بالبحث في أنفاق ودهاليز السلطة المظلمة، هذا الشعب الذي كان وفي مختلف مراحل التاريخ أيقونة الابداع والحل في كل الحضارات والمراحل، وذلك عبر تجاوز الثقافة والفكر الأحادي والتحرك وفق جملة المعايير الوطنية والديمقراطية والأخلاقية العراقية والإنسانية، وفي مقدمتها أن تكون للمرأة العراقية والشباب الدور الريادي في تحقيق التحول الديمقراطي للدولة ومؤسساتها وفي كافة الميادين وعلى رأسها الاقتصادية والسياسية وبناء نظام ديمقراطي اتحادي قادر على مواجهة كافة التحديات وتأمين كرامة المواطن العراقي وحياته السعيدة وإخراج كافة القوى الأجنبية من أراضيه والحفاظ على سيادته ووحدته
لتحميل العدد الثالث من مجلة العراق الديمقراطي اضغط على الرابط ادناه: